أغرب من الخيال.. قصة رجل أعمال يمني راسل هتلر ونجح في لقائه بعدما تعرض للظلم من شركة أسلحة ألمانية عقد معها صفقة لصالح الإمام يحيى
أعاد الكاتب اليمني محمد العلائي نشر قصة يمني وقع من جانب الإمام يحيى على صفقة لشراء أسلحة من ألمانيا أيام زعامة أدولف هيلتر.
وتتحدث القصة عن اليمني الذي سافر إلى ألمانيا دون أن يتمكن من إنجاز الصفقة، بسبب تلاعب الطرف الآخر، وكيف راسل كل الجهات الرسمية هناك حتى وصل إلى هتلر.
إليكم التفاصيل كما وردت في منشور العلائي:
كان الزعيم الألماني هتلر يستعد لاجتياح أوروبا تمهيداً للسيطرة على العالم، وفقاً لمخطَّط أحلامه، في الوقت الذي كان مكتبه في برلين يتلقى وابلاً من رسائل الصداقة والإعجاب والتظلُّم من رجل أعمال يمني يدعى عمر سليمان المزجاجي.
كان المزجاجي يمتلك شركة في الحديدة، وكان يعاونه في نشاطه ولده أحمد.
كان الرجلين على علاقة بالإمام يحيى، حيث كانا يقدمان له خدمات تجارية في مجال استيراد السلاح من أوروبا.
عام 1937م زار اليمن رجل ألماني يدعى هرمن كرنس في رحلة تجارية لصالح شركات الأسلحة الألمانية.
وفي ذلك العام، وبالنيابة عن شركة أوجست ميز الألماني، وقَّع هرمن كرنس مع مقرّبين من الإمام يحيى صفقة لشراء عشرة ألف بندقية بقيمة 6 جنيهات لكل بندقية وملحقاتها.
استلم كرنس 25 % من قيمة الصفقة مقدماً.
ثم غادر إلى ألمانيا وبرفقته أحمد ابن عمر سليمان المزجاجي.
تحولت هذه الصفقة إلى قصة طويلة معقدة وثَّقت تفاصيلها المراسلات والتقارير المحفوظة في أرشيف الخارجية الألمانية، والتي قام الدكتور أحمد قائد الصائدي في ثمانينات القرن الماضي بالتنقيب عنها وترجمتها وعرضها في دراسة مهمة بعنوان "العلاقات اليمنية الألمانية 1927- 1940).
تقول القصة أن الجانب الألماني رفض تنفيذ الصفقة بحجة أن السعر الذي نصّ عليه الاتفاق غير عادل ويكلف الشركة خسارة لا تستطيع تحملها.
تولى المزجاجي متابعة القضية عند الألمان بحكم أنه كان الضامن لدى الجانب اليمني.
سافر إلى ألمانيا ولم يترك باباً لم يطرقه.
كتب عدد كبير من الرسائل إلى مسؤولي الشركة وإلى وزير الخارجية الألماني ومسؤولين ودبلوماسيين ألمان آخرين.
لم يكتف بذلك، بل راح يكتب رسائل إلى المستشار الألماني أدولف هتلر.
وقد اختار لرسائله إلى هتلر لغة من النوع الذي يتناسب مع ما هو شائع في ذلك الوقت عن شخصية هتلر وشعوره بالعظمة والتفوق.
كان يركز في رسائله على إطراء السلاح الألماني، ويعبر عن أمله في عدالة هتلر "المشهور بعدالته في الشرق والغرب"، محاولاً في بعضها اغراء الفوهرر بأن اليمن سيشتري الكثير من السلاح فيما لو تم معالجة التعثر في اتمام هذه الصفقة.
كانت الحكومة الألمانية قد تنصلت عن مسؤوليتها بشأن ما قطعه هرمن كرنس من التزام، وشركة أوجست مينز من جانبها أنكرت تفويضه لعقد صفقة كهذه باسمها.
أما المزجاجي فقد تمسك في رسائله بأن هرمن كرنس كان يحمل تفويضاً من شركة أوجست مينز وتأكيداً رسمياً من الخارجية الألمانية. وقد أكدت الخارجية الألمانية ما قاله المزجاجي، لكنها تراجعت فيما بعد.
في إحدى رسائله إلى هتلر، يقول المزجاجي أن هرمن كرنس اقترض منه 42 جنيهاً استرلنينياً وتعهد بإرجاع المبلغ عند وصوله إلى برلين.
مكتب هتلر أحال إحدى رسائل المزجاجي إلى وزارة الخارجية لمعالجة الموضوع.
وفي رسالة أخرى ينخفض طموحه فيطلب فقط من هتلر أن يتدخل لدى الشركة لإعادة المبلغ الذي تم دفعه من قيمة الصفقة، وإلزام كرنس بتسديد الـ 42 جنيه التي اقترضها في الحديدة.
بحسب الصايدي، فالمزجاجي تلقى رداً مكتوباً من هتلر.
وتمت دعوته لحضور احتفالات مايو 1937 في برلين والتي حضرها هتلر. وعبّر المزجاجي عن سعادته بمشاهدة "القائد".
لكن الصفقة لم تتم.
وانتهى الأمر على الأرجح إلى تسوية تقضي بإعادة المبلغ المدفوع والتعويض عن الخسائر.
استمر المزجاجي في نشاطه الخاص بتجارة الأسلحة، ولم يتراجع عن الولاء للصناعة الألمانية والترويج لها في بلاده، مستفيداً من تعاطف ولي العهد أحمد حميد الدين مع ألمانيا في الحرب الكبرى.
ليس هناك تفاصيل إضافية عن مصير هذا التاجر.
والمهم أن اليمن في تلك الفترة كان سوقاً تتنافس عليه شركات الأسلحة الألمانية والبلجيكية والفرنسية.
واشتهرت حينها بنادق الموزر والجرمل والزاكي نسبة إلى تاجر السلاح السوري زكي كرام.