الكاتب "المياحي" يتحدث إلى "مساحة" عن الزواج والحرية وثورة الشباب وموقفه الجديد منها ورأيه في عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية اليمنية (حوار)
يعتقد الكاتب والروائي اليمني "محمد دبوان المياحي" أن الحرية مفهوم خطير للغاية، ولها علاقة بالوعي أكثر منه بالوقائع الخارجية، ولهذا فإنه يكتب بكامل حريته وهو متزوج كما كان يكتب بكامل حريته وهو عازب، على حد تعبيره في الحوار القصير التالي الذي أجاب من خلاله على أسئلة شخصية وأخرى عامة.. فإليه:
ـ الزواج رائع كما تحدثت عنه أنت، لكنه قيد إضافي على حرية الكتابة في مجالات كنت تكتب فيها بحرية، كما يشير إلى ذلك استياؤك من نبش كتاباتك القديمة.. إلى أي مدى هذا صحيح؟.
في الحقيقة، لا الزواج قيدًا ولا العزوبية حرية، هذه الأحكام الإطلاقية غير دقيقة، هي خلاصات سطحية جدا. أصدقك القول، كنت أكتب بكامل حريتي وأنا عازب وأكتب الآن بكامل حريتي وأنا متزوج، لا أشعر بمثقال ذرة من قيد. ثم إن الحرية مفهوم خطير للغاية، ولها علاقة بالوعي، أكثر منه بالوقائع الخارجية. قد تكون مقيدا وأنت عازب، لكنك تتوهم أنك حر، وقد تعانق حريتك القصوى وأنت متزوح، إذا كان وعيك بالحرية عال. الحرية حالة داخلية أكثر منها هبة خارجية، بل إنني لا أخفيك أن موضوع العلاقة بين الحرية والزواج طرأ ببالي وسوف أدوِّن مقالة حوله. خلاصة القول: إن وجود قيود أو لنقل التزامات معينة في حياتك، ليس نقيضًا للحرية، بل عامل تفعيل لها، أحيانا تنتهي الحرية لحالة من العبثية حين تكون منفلتة ودون أي ضوابط ترفع من احساسك بها.
ـ لو عاد بك الزمن إلى العام 2019، ما الذي ستحذفه مما كتبت وما الذي ستبقيه؟.
لن أحذف شيئًا، كل ما قلته كان يجب أن أقوله ولست نادم على حرف واحد كتبته.
ـ بعد الزواج، هل ستعتبر الكتابة الجريئة في الشأن السياسي والعام مجازفة، لأن مصيرك لم يعد يرتبط بك وحدك؟.
لا أعتقد ذلك، الكتابة لدي تنطلق من حالة باطنية وذهنية، وما زلت بعد شهرين من زواجي أكتب بنفس المزاج والحالة والدوافع في كل الاتجاهات.
ـ لو كنت في عدن، هل ستكتب عن عيدروس الزبيدي بنفس جرأة كتاباتك عن عبدالملك الحوثي من صنعاء؟. لماذا إن كان الجواب "لا"؟.
نعم، سأكتب، بصرف النظر عن اختلاف طبيعة الجماعتين في عدن وصنعاء وطبيعة الشخصيتين، بطبعي، لن تتغير مواقفي، كنت في الجبل أو الوادي، في البحر أو في البر، قناعتي واحدة ومهما كانت الظروف والزمان والمكان الذي أنا فيه، سأقول ما أقوله دومًا، دون اكتراث لشيء أبدا.
ـ بالنسبة إليك كقارئ، من هو أعظم كاتب يمني، وعربي، وعالمي؟.
هذا السؤال فخ، ويصعب الجواب عليه، بذكر اسم من هنا أو هناك. بالنسبة لي معياري مختلف، لا يوجد شيء اسمه أعظم كاتب. هذا السؤال امتداد لثقافة قديمة، على غرار ما كان يحدث في سوق عكاظ وغيره، هذا أشعر العرب وهذا أكثرهم براعة بالهجاء وهذا أكثر من يجيد الرثاء، وهكذا تقييمات حادة وعمومية. هناك كاتب يبهرك في كتاب ما ويكون أقل ابهارا في مؤلف ثان وهناك كاتب يدهشك اليوم وغدا يدهشك كاتب أخر وهكذا، الكتابة الإبداعية حالة متذبذبة لا يملك أحد حق احتكار العبقرية فيها بشكل مطلق وللأبد.
ـ من أعظم روائي بالنسبة إليك؟.
ليس واحدًاً، وكي لا أتهرب من الجواب المباشر، سأذكر لك مجموعة منهم، وهي أسماء شهيرة ويبدو سردها عملية تقليدية، لكنهم بالفعل أثروا فيني بعمق وأعدت قراءة بعض أعمالهم أكثر من مرة: تولوستوي، ديستوفسكي، كزنتزاكيس، جوستان غاردر، الطيب صالح.
ـ ما أعظم رواية قرأتها؟.
"في قبوي" لديستوفسكي وأثرت فيني أكثر من أعماله الشهيرة، الجريمة والعقاب أو الأخوة كارامازوف.
ـ قل رأيك في الشخصيات التالية بمنتهى الصراحة:
خالد الرويشان: شخصية حيوية، مناضل فعّال، نشاطه يمثل بوصلة للموقف الوطني في هذه اللحظة.
جمال عامر: لا أتابعه كثيرا؛ لكنه صار أقرب للمنطق المليشاوي منه للخط الوطني العام.
عادل الأحمدي: مثقف حقيقي، يتمتع بحساسية وطنية عالية، تحاصره مواقفه من الأطراف الخارجية وعبثها، يحاول الموازنة قدر الإمكان، بالمجمل هو شخص جيد.
فتحي بن لزرق. ناشط شعبوي، لديه بعض مواقف مبدئية جيدة فيما يخص مصير الكيان الوطني العام؛ لكنه رجل تخذله ثقافته، مسطح الوعي ويحلل القضايا بصورة مختزلة وتكشف عن ضحالته.
توكل كرمان. شخصية جدلية، مواقفها حادة، لها خطها النضالي الواضح والمحسوم، فاعليتها تتمدد كل يوم لتطال مناطق وجهات وشخوص بلا عدد.
ـ لو عاد بك الزمن إلى العام 2011، هل ستكون في ساحة التغيير، أم في السبعين، أم ستعتزل تلك الفرق كلها وتعض على غص شجرة قات داخل بيتك؟.
دون تردد، سأخرج للساحات، أقول هذا مع كوني بالفترة الأخيرة خضت تفكيرا مطولا حول الثورة وشعرت كم أن أخطاء كثيرة رافقتها وكم كانوا قيادتها قليلي الخبرة والوعي، وفشلوا في إدارة تجربة رائعة للنضال والتغيير، نحن كنا شباب حديثي العهد بهذا النوع من النشاطات وممتلئين حماسة وأحلام لكننا لم نكن نملك وعيا كافيا لندرك ماهية ما نقوم به. العتب على القادة الذين قضوا عشرات السنين في التجربة السياسية وفشلوا في تأمين مسار الثورة.